قد يعيش الناس حياتهم بأكملها من دون أن يعرفوا ما هي قدراتهم وإمكانياتهم الحقيقية والتي قد توفر لهم ولمن حولهم حياةً أفضل بكثيرٍ من تلك التي يعيشونها بناءً على ما أخبرهم به من حولهم أو ما أراد والداهم أن يكونوا، ولهذا قد يلتصقون في تلك الوظيفة التي يكرهونها طيلة حياتهم ويعيشون حياةً بائسةً بالرغم من وجود الأموال ومتطلبات الحياة جميعها بين أيديهم، ولكن ذلك يكون بسبب عيشهم للحياة التي يكرهونها وبقاء تلك الشرارة في داخلهم والتي تنتظر أن تشتعل وتصبح ناراً عظيمةً تكشف عن قدراتهم الحقيقية، واكتشاف القدرات لا يكون في العادة عن طريق العيش عمراً طويلاً، فالبعض يكتشف قدراته منذ شبابه أو طفولته، والبعض الآخر قد يموت ولا يعرف السبب من وجوده أصلاً.
التجربةفلا يمكنك أن تكتشف قدراتك إن لم تجرب كلّ ما هو جديد، فإن لم تحمل قلماً في حياتك وتحاول الرسم فكيف ستعرف أنّك رسامٌ موهوب، وإن لم تمسك بآلةٍ موسيقيةٍ فكيف ستعرف أنّك عازفٌ بالفطرة، وإن بقيت طيلة حياتك جالساً في الخلف خائفاً من حمل الراية في المدرسة والجامعة والعمل واتخاذ القرارات فكيف لك أن تعرف أنّك قائدٌ موهوب، فإن لم تجرب كلّ أمرٍ وتفشل في العديد من الأمور حتى تصل لما تحب فإنّ مواهبك وقدراتك ستدفن معك، بل إنذها قد تسبقك إلى قبرك.
ولكن لماذا لا نقوم بتجربة الأمور الجديدة؟ إنّ السبب الرئيسي وراء ذلك هو الخوف، وبالتحديد الخوف من الفشل، ولكن ألا تظنّ أنّ كلّ من نجحوا في حياتهم قد انتابهم الخوف في مرحلةٍ من المراحل!
الجرأةإنّ الخوف هو جزءٌ من تركيب أيّ شخصٍ خلق على وجه الكون، وهو أحد وسائل النفس الإنسانية للصمود، فنحن نخاف ممّا هو جديد ونخاف من الفشل كما نخاف من الأسد، فالجسم يتعامل بنفس الطريقة مع نوعي الخوف، فعندما نخاف من الأسد فإنّ جسمنا يعمل بكلّ طاقته للتغلب على الأسد إمّا بالجري أو مواجهته، وفي كلتا الحالتين ستزداد قدراتنا أضعافاً كثيرةً، فالصيادون والزعماء في القديم هم من كانوا يواجهون خوفهم ويستغلون الطاقة التي يزودها لهم الخوف ويتغلّبون على الأسد، والجبناء هم من كانوا يهربون وينتهون مهمّشين في قبائلهم، وكذلك هو الأمر في العصر الحالي، فإمّا أن تستغل كلّ خوفك في الهرب، أو أن تستغلّ تلك الطاقة التي يعطيها إياك الخوف لتنجح في ما تقوم به.
لكن هذا لا يعني أنّك لن تفشل إن واجهت خوفك، فالحياة لم تكن ولن تكون خطّاً مستقيما، بل إنّها كانت ولا زالت خطّاً متعرجاً يصعد بك مرةً ويهبط بك مرّات، حتى تجد ذلك الصعود الذي ترتقي به إلى القمة، فكلّ من نجحوا في حياتهم فشلوا مراتٍ عديدةٍ أكثر ممّا قد تتصور، ولكنّهم امتلكوا الشجاعة لمواجهة الفشل وإعادة المحاولة بناءً على ما اكتسبوه من خبرةٍ للنجاح فيما بعد.
أهمية اكتشاف القدراتقد يتساءل البعض عن السبب وراء العناء لاكتشاف قدراتك ومن ثمّ عدم بناء حياةٍ بناءً على هذه القدرات، فقد تكتشف أنّ قدراتك الحقيقية هي في الرسم وأنت تعمل وقد كونت عائلةً مستقرة، ولكنّ الأمر هو أنّ نفسك بحاجةٍ إلى تلك اللحظات كلّ يومٍ أو كلّ أسبوعٍ لتقوم بما تبرع به بالفعل وما تستطيع أن تكون به على القمة، فهذا سيشجع النفس ويجعل من هذه اللحظات لحظاتٍ تعطيها الامل حتى في أصعب الأوقات وعندما يفقد الجميع الامل بك.
المقالات المتعلقة بكيف تكتشف قدراتك